أعمال أحمد المساري بلورت تجربة تشكيلية متفردة،نضجت على مهل على امتداد ثلاثة عقود ،بعيدا عن الضوضاء والتكريس الزائف ،من ثمانينيات القرن الماضي إلى الآن،لا تستكين لوحاته بل هي في بحث دؤوب عن أفق أرحب للمعنى التشكيلي.
المنجز التشكيلي لأحمد المساري يلملم فضاءات الطفولة وشعرية المكان ،يشتغل على المكان النوستالجي وعلى بورتريهات مشحونة بالحنين إلى زمن مضى ،وأحيانا يأتلف المكان والبورتريه فيستبطنان الفضاء بانسيابية تشكيلية مدهشة .
يشفر المكان في لوحات أحمد المساري مدلولات سيكولوجية،تعكسها الألوان والأشكال والخطوط والتفاصيل...
تشكل طنجة نسغ أعمال المساري ،حضرت بأشكال وزوايا متنوعة وتخييلات فريدة ،رصد دروبها القديمة وبوغازها وميناءها القديم...
خلوته الطويلة والابدية في طنجة مكنته من الإنصات عميقا لنبضها الغميس ،وحاول أحمد أن يعبر عنه بأسلوب خاص يتراوح بين الإفصاح والتضمين.
اشتغل على أماكن المحفورة في الذاكرة الجمعية الطنجاوية ،محافظا على سننها المتداول وايقوناتها الشهيرة ،فطنجة لا تخطئها العين في أعمال المساري وفي ذات الوقت طنجة المساري تضمر احلاما وذاتا شاعرية،فتحت أمام المتلقي افقا لامتناهيا من التأويل.
اللغة التعبيرية التي يمتح منها أحمد المساري تستقي مقوماتها التشخيصية من الروح الطنجاوية،ومن تم ينأى تمثيل représentationعن التسجيل بل تميل غالبية أعمال المساري إلى تبسيط و تحوير وتكثيف الأشكال الواقعية ،متماهية برؤية تشكيلية مستندة إلى التخيل والتذويت ..فأحيانا ترتفع أعمال المساري إلى مرتبة الواقعية السحرية.
تعليقات:
